الأحد، 28 أغسطس 2011

واشنطن تبدي تفهما للموقف المصري من التمويل الخارجي للمنظمات الأهلية

تزدحم أجندة العلاقات المصرية‏-‏الأمريكية بقضايا كثيرة بعد فتح ملفات عديدة في مرحلة ما بعد ثورة 25يناير وتغير الخريطة السياسية في مصر حيث تمر العلاقات بفترة من إعادة تقييم بعض الملفات وترقب مشهد الانتخابات البرلمانية والرئاسية .
صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
 بينما يؤكد الجانبان استمرار العلاقات الاستراتيجية الممتدة بين البلدين-  رغم الشد والجذب الأخير- باعتبارها من أهم أسس الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. وقد استطلعت الأهرام آخر مستجدات العلاقات الثنائية من مصادرها المباشرة من أجل الوقوف علي مناطق الاتفاق والاختلاف. يقول مصدر مصري رفيع المستوي في تصريحات خاصة ل الأهرام ان العلاقات مع الولايات المتحدة تسمح بتعديل المسارات في حال حدوث خلاف بشأن توجهات بعينها, وهو ما حدث في قضية التمويل الأمريكي لمنظمات المجتمع المدني المصري بعد الثورة الشعبية ضد النظام السابق. وأوضح المصدر الرفيع أن جولات المحادثات الاخيرة قد وضعت النقاط فوق الحروف وأبدي الجانب الأمريكي تفهما للموقف المصري الرسمي الذي يصر علي تنظيم عملية التمويل الخارجي وليس منع التمويل عن المنظمات غير الحكومية في المرحلة القادمة وأن عمليات التمويل الخارجي بجميع أنواعها تحتاج إلي إعادة تنظيم وبالتالي ليست المشكلة في التمويل الأمريكي وحده. ووفقا لمعلومات حصلت الأهرام عليها فقد حصلت انفراجة بين القاهرة وواشنطن في ملف التمويل الدي سوف يتم في الفترة المقبلة في إطار الإتفاقيات الموقعة بين البلدين في السابق, وبخاصة اتفاقية عام1978 وتنص علي التنسيق بين حكومتي البلدين دون تجاوز الأطر الحاكمة. وقد أعرب مسئولون أمريكيون- ومن بينهم ان باترسون السفيرة الأمريكية الجديدة لدي القاهرة- عن تفهم واضح للموقف المصري الدي لا يبدي اعتراضا علي حصول المنظمات غير الحكومية المسجلة في وزارة التضامن الاجتماعي- وبالمثل المنظمات الأمريكية المسجلة لدي وزارة الخارجية المصرية- علي تمويل حيث انصب الاعتراض علي تقديم أموال لمنظمات غير حكومية غير مسجلة أو منظمات أمريكية غير معروفة لوزارة الخارجية في الآونة الأخيرة رغم المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد حيث قدمت الولايات المتحدة40 مليون دولار لمنظمات مصرية غير مسجلة وأخري أمريكية غير مسجلة لدي الخارجية وكانت تعتزم الوصول بالتمويل إلي أكثر من100 مليون دولار. وأشار المصدر الرسمي الرفيع المستوي إلي أن السلطات المصرية-سواء المجلس العسكري أو الحكومة- تؤكد بوضوح عدم التشكيك في وطنية أحد وتثق أن هناك منظمات جادة ومحترمة تعمل في مجالات زيادة مشاركة المرأة واحترام حقوق الإنسان ورفع مستوي المشاركة السياسية دون أن يتعارض التمويل المقدم مع أسس احترام سيادة الدولة المصرية. وأضاف المصدر أنه لا يوجد توجه ضد المنظمات الغير حكومية ومن المنطقي أن يتوافر لها التمويل في إطار قانوني واضح ومن خلال ممارسات شفافة. وقال المصدر ان المنظمات الأمريكية يجب أن تحترم الدولة ووزارة الخارجية وأن التعامل- من الآن فصاعدا- سيكون مع تلك المنظمات المصرية المسجلة والأمريكية الحاصلة علي تصاريح رسمية من مصر أو التي بوسعها التقدم للحصول علي ترخيص بهدف الحد من التجاوزات التي بدأت بإقرار الكونجرس تقديم تمويل مباشر للمنظمات غير الحكومية عام.2004 كما علمت الأهرام أن المسئولين المصريين أبدوا اعتراضا علي ما ساقه بعض المسئولين في الإدارة الأمريكية من مبررات لتقديم تمويل لمنظمات غير مسجلة في الفترة الأخيرة ومنها ما ورد علي لسان مسئول رفيع المستوي في مجلس الأمن القومي الأمريكي من أن الولايات المتحدة تقدم تمويلا بتلك الكيفية مادامت لا توجد حكومة تملك بيدها القرار في البلاد في إشارة إلي وجود حكومة لتسيير الأعمال تقوم بمهام محددة في المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد. وقد اعتبر مسئولون مصريون مثل تلك الحجة مسألة معيبة وغير مقبولة.
وبشأن ما يتردد عن توتر العلاقات الاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة علي خلفية قضية بيع الغاز المصري لإسرائيل واحتمال تراجع الصادرات المصرية للسوق الأمريكي, قال مسئول دبلوماسي في العاصمة الأمريكية ل الأهرام ان إتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة الكويز بين مصر وإسرائيل وأمريكا لم يطرأ عليها تغيير وان الاتجاه مازال هو التوسع في منح المنتجات المصرية أفضلية من خلال الاتفاقية للوصول للسوق الأمريكي. وأكد المسئول الدبلوماسي المطلع أن تغيير اتفاقية الكويز لن يحدث إلا في حالة حدوث تحول كبير في المواقف السياسية. وحول قضية الجاسوس الإسرائيلي إيلان جرابيل- الأمريكي الجنسية- المحبوس منذ القبض عليه في يونيو الماضي, كشف المسئول الدبلوماسي ان هناك إلحاحا أمريكيا بالفعل من أجل إطلاق سراح جرابيل إلا أن الموقف المصري واضح ويتمثل في أن القضية أمام القضاء المصري حاليا وهو المنوط به الفصل في الأمر. وقال المسئول الدبلوماسي ان الإلحاح الأمريكي لم يصل إلي منطقة الضغوط وهناك مكاتبات عديدة من نواب في الكونجرس سعيا لإطلاق سراح المتهم بالتجسس. وتوقع المسئول أن تتعرض مصر لموجة جديدة من الانتقادات بشأن تلك القضية وأشياء أخري بعد عودة الكونجرس من الإجازة في سبتمبر المقبل حيث ينظر مجلسا النواب والشيوخ في موزانة المساعدات الخارجية لعام2012 في ظل دعوات عديدة لتقليص الموازنة الأمريكية بشكل عام وفرض قيود علي الأموال المقدمة لدول تشهد صعود التيارات الدينية التي تبدي معاداة للسياسة الأمريكية. ويقول جون ألترمان رئيس برنامج الشرق الأوسط في معهد الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن( سي. اس. أي. اس) لـ الأهرام ان كل الأطراف تستفيد من إتفاقية الكويز, وحتي لو لم تكن الفرصة سانحة لرفع مستوي التعاون في إطارها فإن إلغاء الاتفاقية سيمثل خطأ كبيرا. ويشير ألترمان إلي وجود فجوة حالية بين مصر والولايات المتحدة فيما يتصل بتوقعات مصر من الشريك الاستراتيجي الأبرز ويقول كانت هناك رغبة قوية في الولايات المتحدة لمساعدة مصر, ولكن ليس هناك الكثير من الوضوح بشأن كيف يمكن للولايات المتحدة أن تكون مفيدة بشكل فعال, ويبدو أن البعض في مصر يريدون أن ترحل أمريكا عنهم إلا أن مثل هذا الأمر ليس ضد مصلحة واشنطن وحدها ولكنه سيصب ضد مصالح مصر أيضا, وهناك الكثير يمكن فعله معا وآمل أن تفكر القيادة المصرية الجديدة في نوع العلاقة التي تريد أن تربطها بالولايات المتحدة والخطوات التي ينبغي اتخاذها لتأمين مثل هذه العلاقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق